كنت دائمًا مؤمنًا بأن الذكريات و الأشخاص الذين رحلوا هم من الماضي ولن يعودوا حتى لو تمنيت و بكيت طويلًا.
.
فلابد أن انهض لأشق طريقي بين جموع الخلائق و جموحهم، أعيش على ذكراهم ما حييت .
.
في بدايات الأمر كنت أغلق عيني، استحضر محياها و اخلق معها ألف مشهد يبرز تفاصيلها التي أعشقها، ضحكتها، غضبها، رائحة شعرها، صوت أنفاسها، مشيتها و حتى رفعة حاجبيها.
.
كانت سلوتي في أيام البعد الباردة حين يهزني الحنين و يتملكني الشوق لوجودها.
.
مرت الأيام كأنها سنين، تعايشت مع الحياة بدونها بالمسطرة و القلم، لا أخطاء ولا مشاعر.
.
أدركت بعدها أنني كنت أعيش معها و أُمارس ما أحب وما أعشق.
.
لم أكن وقتها أُدرك انها نبض حياتي و ديمومتها حتى رحلت و ابتعدت .
.
كانت الأيام متشابهة و للوقت عقارب لا تمشي، لا جديد سوى إختلاف الوجوه ومفاجآت القدر !! .
.
حين تبدد الأمل برجوعها و طالت أيام وحدتي قررت أن انساها و ابدأ اليوم من جديد.
.
لتتغير ملامحي لعل الله يسوق لي من تتملكني وتأخذ بيدي لعالمها، تحتضنني لأكون وليدها و أكتب معها أولى صفحاتِ حُبٍّ عسر المخاض كان في نظري من مستحيلات الحياة .
.
ففتحت أبواب قلبي على مصراعيها و خرجت للدنيا متفائلًا بمن ستتوج على عرش قلبي ملكة لا يشاركها أحد.
.
سأغلق خلفها كل الأبواب لأعيش معها و بها ولأجلها .
.
في أول لحظة من أول يوم أيقنت و آمنت أنني الفارس الذي ترجل عن جواده، المسافر الذي تخلى عن ركبه و انزوى في وادي العاشقين حيث اللا رجوع .
.
فتفاصيل ملامحها و خيوط جبينها و عمق نظراتها اسرتني و كبلت جموحي كرجل قرر متاخراً أن يعيش حياةً سُلبت منه دون علمه و قلب يسكن ضلوعه لكنه في الأصل ليس ملكهُ.
.
أرادَ التغيير فكان رمزًا لنقطة البداية و العودة للصفر حيثُ الاستسلام، الخضوع و العيش أسيرًا لذكرى ظن انها لحظاتٍ عابرة لن تطول و رائحة عطرٍ يمكن استبدالها برائحةٍ أُخرى .
.
لكن العشق بداخلي أكبر مما توقعت و أعمق مما ظننت .
.
فكل تلك اللحظات التى مرت مرور السحاب وبثقل الجبال أعادتني لواقعها وان الحياة بدونها موت من نوعٍ فاخر .
.
حبيبتي و إن غابت فكل أشيائها حاضرة ، كل ما فيني حارسها الأمين.
.
فإن عادت عُدت و إن رحلت فأنا منها “لكم” بقايا رسالة ممزقة .
.
دمتم بحُبٍّ لا يعترف بالرحيل .
.