انكمش الاقتصاد الأمريكي مرة أخرى في الربع الثاني من العام، وسط تشديد كبير للسياسة النقدية في محاولة من مجلس الاحتياطي الاتحادي لتحجيم التضخم، وهو ما قد يثير المخاوف في أسواق المال من أن يكون الاقتصاد بالفعل في حالة ركود.
وقالت وزارة التجارة في تقديراتها للناتج المحلي الإجمالي، أمس، إنه انخفض 0.
9 في المائة على أساس سنوي في الربع الثاني، وكان اقتصاديون استطلعت آراؤهم قد توقعوا نمو الناتج المحلي الإجمالي 0.
5 في المائة، وفقا لـ"رويترز".
وراوحت التقديرات من معدل انكماش منخفض يصل إلى 2.
1 في المائة إلى معدل نمو مرتفع يصل إلى 2.
0 في المائة.
وانكمش الاقتصاد 1.
6 في المائة في الربع الأول.
والانكماش لربعين متتاليين يستوفي التعريف القياسي للركود.
لكن المكتب الوطني للأبحاث الاقتصادية، وهو من يحدد رسميا حالات الركود في الولايات المتحدة، يعرف الركود بأنه "تراجع ملحوظ في النشاط الاقتصادي في مختلف قطاعات الاقتصاد يستمر لأكثر من بضعة أشهر ويلاحظ عادة على مؤشرات الإنتاج والعمالة والدخل الحقيقي وغيرها".
وبلغ متوسط نمو الوظائف 456700 شهريا في النصف الأول من العام وهو ما يحقق مكاسب قوية في الأجور.
ومع ذلك تزايدت مخاطر التراجع الاقتصادي.
وانخفض بناء وبيع المنازل في حين تراجعت معنويات الشركات والمستهلكين في الأشهر الأخيرة.
وأظهر تقرير منفصل من وزارة العمل الأمريكية، أن الطلبات المقدمة لأول مرة للحصول على إعانات البطالة الحكومية تراجعت بواقع خمسة آلاف إلى رقم 256 ألفا المعدل لأسباب موسمية في الأسبوع المنتهي يوم 23 تموز (يوليو).
وكان اقتصاديون استطلعت آراؤهم قد توقعوا 253 ألف طلب خلال الأسبوع الماضي.
وظلت المطالبات أقل من نطاق 270.
35 ألف الذي يقول الاقتصاديون إنه يشير إلى زيادة معدل البطالة.
لكن تباطؤ النمو قد يدفع مجلس الاحتياطي الاتحادي إلى التراجع عن الوتيرة المتسارعة لتشديد السياسة النقدية، لكن الأمر سيعتمد على وتيرة التضخم المرتفع كثيرا عن مستوى 2 في المائة الذي يستهدفه البنك المركزي.
ورفع مجلس الاحتياطي الأربعاء سعر الفائدة ثلاثة أرباع نقطة مئوية ليبلغ إجمالي رفع الفائدة منذ آذار (مارس) نحو 225 نقطة أساس.
وأقر جيروم باول رئيس المجلس بأن تراجع النشاط الاقتصادي ناتج عن تشديد السياسة النقدية.
إلى ذلك، أقر مجلس الشيوخ الأمريكي نصا تشريعيا لتعزيز الإنتاج المحلي لأشباه الموصلات وسط نقص في الرقائق الإلكترونية التي تستخدم في منتجات كثيرة من الهواتف الذكية والسيارات وصولا إلى الأسلحة.
والنص التشريعي الذي أقر وسيعود إلى مجلس النواب للمصادقة النهائية، يرصد 52 مليار دولار لدعم إنتاج أشباه الموصلات في الولايات المتحدة، وأكثر من 100 مليار دولار لخمسة أعوام للأبحاث والتطوير.
ووفقا لـ"الفرنسية"، تم إقرار النص التشريعي الذي يحمل اسم "توفير حوافز مفيدة لإنتاج أشباه الموصلات" في مجلس الشيوخ، حيث لقي دعما نادرا من الحزبين، وقد أيده 64 عضوا وعارضه 33.
ورحب الرئيس الأمريكي جو بايدن بمصادقة مجلس الشيوخ على التشريع الذي قال إنه "سيسرع إنتاج أشباه الموصلات في الولايات المتحدة وسيخفض أسعار كل المنتجات من السيارات إلى غسالات الصحون".
وتابع بايدن في بيان أن التشريع "سيوفر وظائف، وظائف بأجور جيدة هنا في الولايات المتحدة".
وعد أن إقرار التشريع "سيعزز مرونة سلاسل الإمداد الأمريكية بحيث لن نكون معتمدين بشكل كبير على دول أجنبية في تكنولوجيات دقيقة نحتاج إليها من أجل المستهلكين الأمريكيين والأمن القومي".
وانتقدت بكين التشريع وقال تجاو ليجيان المتحدث باسم وزارة الخارجية إنه بينما يقول التشريع إنه "يهدف إلى تحسين تنافسية التكنولوجيا والرقائق الأمريكية، إلا أنه يتضمن بنودا تقيد التعاون العلمي والتكنولوجي الطبيعي بين الصين والولايات المتحدة".
وأكد أمام الصحافيين أن "الصين تعارض ذلك بشدة".
ومع تفشي الوباء تراجع مخزون الرقائق الإلكترونية لدى الصناعيين إلى حد مقلق، وتؤكد إدارة بايدن أن هذه الأزمة لها تأثير مباشر على التضخم المتزايد في الولايات المتحدة.
وأثر هذا النقص خصوصا على إنتاج السيارات العام الماضي، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار.
ويلحظ النص التشريعي "إيجاد حوافز مفيدة لإنتاج أشباه الموصلات"، رصد 39 مليار دولار لتمويل إقامة مصانع لإنتاج أشباه الموصلات في الولايات المتحدة و13 مليار دولار للأبحاث.
وجاءت مصادقة مجلس الشيوخ على التشريع غداة إعلان المجموعة الكورية الجنوبية "إس.
كي" عن استثمار ضخم في أشباه الموصلات الأمريكية وغيرها من الصناعات المتطورة.
وجاء في بيان للمجموعة أنها تعتزم "زيادة استثمارها الجديد في الولايات المتحدة بمقدار 22 مليار دولار في مجالات أشباه الموصلات والطاقة المتجددة "المراعية للبيئة" وعلوم الأحياء، بما يوجد للأمريكيين عشرات آلاف الوظائف المرتفعة الأجر في مجال التكنولوجيا المتطورة الحديثة".
بدورها، تعتزم شركة بوش الألمانية لمستلزمات السيارات استثمار ثلاثة مليارات يورو في أعمال أشباه الموصلات بحلول 2026، وسط أزمة عالمية تضر بالتصنيع العالمي.
وقال شتيفان هارتونج الرئيس التنفيذي للشركة في دريسدن أمس، "لمصلحة عملائنا، نستعد لطلب متنام لا هوادة فيه على الرقائق، ولدينا أعمال كبيرة في أصغر المكونات".
ووفقا لـ"الألمانية" من المنتظر إنشاء مراكز جديدة لتطوير أشباه الموصلات في مدينتي رويتلينجن ودريسدن بقيمة إجمالية تزيد على 170 مليون يورو.
ولم يتم تحديد حصة أموال الدعم في مبلغ الاستثمارات، لكن هارتونج أكد أن كل مصانع الرقائق تحصل على دعم في كل أنحاء العالم، مشيرا إلى أن مصنع الشركة في دريسدن ما كان لينشأ لولا الدعم.
وتستثمر "بوش" في دريسدن في العام المقبل 250 مليون يورو لتوسيع مساحة القاعة المخصصة للتنظيف بمقدار ثلاثة آلاف متر مربع، وتهدف هذه الخطوة إلى زيادة إنتاج الرقائق سمك 300 ملليمتر.
وضخت "بوش" أكبر استثمارات حتى الآن في مصنعها في دريسدن في 2021 نحو مليار يورو في هذا المصنع الذي يعمل به حاليا 350 عاملا من 20 دولة ومن المنتظر أن يصل هذا العدد في النهاية إلى 700 عامل.