بعد دخول رمضان بعدة أيام، وفي وقت الظهيرة كان أحد الزملاء يقود سيارته على أحد الطرق الرئيسة في مدينة الخبر، ومر بالقرب من شاب سعودي لم يبلغ العشرين من العمر وهو يمشي في الشمس لابسا لباس شركات الامن «سكيورتي».
.
في البداية لم يكن زميلي ينوي الوقوف لأنه ليس من عادته التوقف للغرباء، وكذلك ظنا منه أن هذا الشاب يمشي باتجاه أحد المجمعات السكنية أو الشركات القريبة، ولكنه توقف ليسأله أين ذاهب ليتفاجأ بأن هذا الشاب متجه على رجليه إلى حي يبعد على الأقل عشرة كيلومترات.
وقام بإركابه قائلا له إنه سيأخذه إلى اقرب نقطة متجه إليها ومن ثم يكمل المشوار.
وسأله لماذا يمشي كل هذه المسافة في نهار رمضان وفي هذا الجو الحار.
ولكن الشاب السعودي أجاب إجابة اتضح أنه لا يملك سيارة وليس لديه مال ليركب التاكسي.
وبعد أن أنزله زميلي قام بإعطائه مبلغا من المال، تردد هذا الشاب في أخذه وبعدها أخذه على استحياء.
والسؤال هو: كم شابا لدينا بمثل هذا السكيورتي البسيط؟ وكم اسرة لا يعلم بحالها إلا الله سبحانه وتعالى؟
ما جعل هذا الزميل يروي لي هذه القصة التي حصلت له هو أنه أرسل لي قبلها بيوم واحد رابط تسجيل لمواطن شاب يتحدث عن مشاريع إفطار الصائم.
وهنا لا أريد أن أدخل في نقاش عن إن كانت ضرورية أو أي شيء آخر.
ولكن السؤال هو كيف وفي خلال فترة بسيطة قبل شهر رمضان من كل عام استطعنا أن ننصب مخيمات إفطار كبيرة وكثيرة بعضها يتسع لآلاف وقمنا بجمع تبرعات لمشاريع إفطار صائم وكل هذا في جميع أنحاء المملكة.
بل إن بعض الأحياء بها اكثر من مخيم لتخدم الملايين من الأجانب، ولكن في نفس الوقت لم نستطع أن نخطط أو نحاول إيجاد آلية لمعرفة الأسر المحتاجة التي تحتاج الدعم.
.
لا ننكر فضل إفطار الصائم وخاصة المحتاج ولكن يبقى السؤال هو: إن كان لدينا هذا الخير الكثير والحافز لمساعدة الغير، فلماذا لا نقوم بوضع آلية للقضاء التدريجي على الفقر والعوز عبر آلية معرفة من المحتاج في كل حارة؟.
وكذلك من الممكن ان تكون مشاريع إفطار صائم اكثر بساطة لأن من يحضر للمخيم لا نعرف إن كان بالفعل صائما أو أن إقامته في البلد قانونية وليس ممن يجوبون الشوارع لأن هذا يعتبر محفزا لكل من أراد التخلف وخاصة بعد موسم كل حج، لأن ما يقدمه الكثير في بلادنا لهم عن حسن نية وطلب للأجر هو أهم المحفزات لتشجيع الكثير على البقاء.
وكذلك لماذا لا يقوم كل مخيم بوضع آلية لمعرفة من يأتي إليهم عبر آلية تسجيل لكل من يتواجد في المخيم الرمضاني بصورة مستمرة ومعرفة إن كان له كفيل أو لمعرفة وضعه.
فقد يكون دخل واحد ممن يفطر في هذه المخيمات أكثر بعشرات المرات من السكيورتي السعودي البسيط.