بإشتراكك ستستفيد اكثر من خدمات دورية: الملف الإعلامي، تويتر، مقالات الكتاب وغيرها

صباح الحرف (أعداء الجمال والإنسانية)

  • القسم : False
  • تاريخ النشر : Friday, December 30, 2016
  • الجريدة : الحياة
  • الكاتب : محمد اليامي
  • عدد المشاهدات : 33
  • المصدر : إضغط هنا
news-image

كل ما يفعله الإرهابيون في تنظيماتهم التي تلصق نفسها بالإسلام هو في الحقيقة تشويه ممنهج للإسلام، وتسويغ دائم لأعدائنا وفي مقدمهم إسرائيل لتجييش العالم ضدنا، وهم دائماً ما يعطون الإحساس بأنهم إما مبرمجون حد إلغاء إنسانيتهم، أو متآمرون يدارون بأيدٍ تريد تدمير الحضارتين العربية والإسلامية عبر تدمير الإنسان والثقافة وكل ما له صلة بالتحضر.
من يقتل البشر لا يهتم بتدمير حضارتهم وتاريخهم، يصبح ذلك جزءاً من التدمير الكلي الذي يشي بحقد بالغ وبنفسيات غير سوية، وهذا بالضبط ما تصوره أفعالهم بالآثار، والمتاحف، والفنون، وأي ملمح ثقافي أو إنساني في الأماكن التي يعيثون فيها فساداً أو تلك التي وقعت بشكل أو بآخر تحت سيطرتهم الموقتة أو الدائمة.
من يبني نفسه والآخرين من حوله داخل منظومة مدنية لها فكر إنساني يروم الانضمام للحضارة الإنسانية مختلف تماماً عمن هدم نفسه وفقد روحه ويبحث عن هدم الآخرين، ليس فقط بإزهاق أرواحهم وتدمير بلدانهم وترويعهم، بل أيضاً باجتثاث كل ما يؤكد أنهم أكثر منه عمقاً في التاريخ، وأن ما يمثل جذورهم وامتداداتهم الحضارية يشكل هاجساً لدى الإرهابي بالدونية التي يعوضها بذلك التخريب لملامح ثقافة الآمنين الذين لم يعودوا كذلك بسبب أفعاله وأفكاره.
يحاول العالم أن يقف في وجه تلك الممارسات، وقد ينجح في أماكن وأحيان، ويفشل في أخرى.
لكن المؤكد أنه ينظر إلى الإرث الإنساني في كل مكان على أنه رمز جمال وإنسانية، وإلى كل من يحاول هدمه، أو يسوغ ذلك بفكر متشدد ينشره على أنهم رموز الشر والفساد والتخلف، والخشية كل الخشية أن تسبغ هذه الصفات كلها على المسلمين أو العرب لأنهم أكثر من يفعل ذلك أخيراً.
التاريخ حافل بمحاولات بربرية لإزالة آثار وتراث وثقافة بلدان وبشر، ولكن العالم اليوم لا يتصور وجود ذلك، ولم تعد عقليته تستوعب مثل هذه التصرفات أو تستطيع إيجاد مبرر لها، فتكتفي بنبذ من يفعلها.
الذائقة الإنسانية لا يمكنها استساغة تدمير الآثار أو المتاحف، والذائقة السياسية تستخدم ذلك أحياناً سلاحاً ضد الأمة الإسلامية لتحقيق مآرب أخرى، فيصبح كل الذي فعله الجاهل الذي يدمر ويفجر هو أنه أضرّ الأقربين له، ونفع الأعداء البعيدين تماماً عن مصلحته أو مصلحة أمته.
لعل جهود العالم تفلح في حماية تراث الإنسانية أياً كان موقعه وأياً كانت ديانة أهله، ولعل على بعض من يوافقون على مثل هذه الأعمال مراجعة أنفسهم وموقعهم من الذات والعالم.