تكفل سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للطيران الرئيس الأعلى الرئيس التنفيذي لمجموعة طيران الإمارات، بالقيمة المطلوبة لبدء تشغيل خدمات المبنى الجديد لمركز دبي للتوحد للعام الدراسي المقبل وقدرها تسعة ملايين درهم.
وكانت «الإمارات اليوم» أطلقت الأسبوع الماضي، حملة ضمن مبادرات «عام الخير» لجمع تبرعات بقيمة 10 ملايين درهم، تمثل قيمة الإنشاءات والتجهيزات المتبقية لمركز دبي للتوحد، ليبدأ في تقديم خدماته لـ280 طفلاً العام الدراسي 2017 - 2018، واستقبلت الأسبوع الماضي، تبرعاً بقيمة مليون درهم من المواطنة موزة بنت علي الوري، ليتكفل سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم ببقية المبلغ بالكامل.
وقال رئيس تحرير «الإمارات اليوم»، سامي الريامي، إن «اكتمال قيمة التبرعات يسهم في إعادة الأمل لذوي 280 طفلاً مصاباً بالتوحد مسجلين على قوائم الانتظار، إذ سيتمكن فريق عمل المركز من بدء تقديم خدمات التأهيل والتدريب لهم خلال الأشهر القليلة المقبلة».
نقص الكوادر
اعتبر المدير العام لمركز دبي للتوحد، محمد العمادي، قلة الكوادر المتخصصة في التعامل والتدريب والتأهيل لحالات أطفال التوحد، أحد أهم التحديات التي تضعف إمكانية تحقيق نتائج إيجابية وسريعة مع المصابين.
وأوضح أن «هذا النوع من التخصصات لا يتم تدريسه في مؤسسات التعليم الأكاديمي في الدولة، وليس له معايير أو محددات محلية واضحة يمكن قياس مستوى العاملين فيه بناء عليها، لذا فإن الأمر يعتمد على تجربة إمكانات وقدرات ومهارة الكوادر التي يتم تعيينها، لتحديد قرار الاحتفاظ بها، أو استبدالها، وهو ما يؤثر سلباً في حالة طفل التوحد».
وتابع «إشكالية هؤلاء الأطفال أن اكتساب ثقتهم والقدرة على التعامل الناجح معهم يعتمد على طول الفترة التي يقضيها المتخصص معهم، فدفع الطفل المتوحد إلى التفاعل مع المسؤول عن تدريبه وتأهيله صعب، لذا فإن عملية تغيير الكوادر تعرقل جهود التأهيل، وهو الأمر الذي تنبه له مركز دبي للتوحد، إذ تقوم الخطة الموضوعة لتشغيله، على استقطاب كفاءات متخصصة في هذا المجال بناء على معايير عالمية معتمدة في المؤسسات العالمية الكبرى المتخصصة في تأهيل وتدريب أطفال التوحد، بما يضمن تحقيق نتائج إيجابية وسريعة».
الريامي: «فريق عمل حملة (الإمارات اليوم) كان على يقين من إمكانية جمع قيمة التبرعات اللازمة للمركز».
«جمع الـ10 ملايين درهم يساعد على استيعاب الأعداد المتزايدة على قائمة الانتظار، وجذب كوادر متخصصة».
• «فريق المركز بدأ فعلياً في الاستعداد لتنفيذ خطة العمل».
• «خطة المركز تقوم على منظومة متكاملة تشمل جوانب التأهيل والتدريب العلاجي والاجتماعي».
وأضاف «فريق عمل الحملة التي أطلقتها (الإمارات اليوم) كان على يقين من إمكانية جمع قيمة التبرعات اللازمة للمركز، فالتطوع لعمل الخير والمساهمة فيه من أهم صفات دولة الإمارات حكومة وشعباً».
من جهته، أكد المدير العام للمركز، محمد العمادي، أنه «باستكمال قيمة التبرعات سيبدأ المركز في تقديم خدماته لـ 100 طفل ــ مرحلة أولى ــ للعام الدراسي المقبل، ليوسع قدرته الاستيعابية بشكل تدريجي لتصل إلى 280 طفلاً متوحداً».
واعتبر أن «قدرة حملة (الإمارات اليوم) بالتعاون مع فريق عمل المركز على جمع التبرعات اللازمة، تؤكد روح العمل الخيري التي تتصف بها الإمارات وشعبها، خصوصاً في ما يخص الأمور ذات الطابع الإنساني».
وأوضح أن «الـ10 ملايين درهم التي كان المركز في حاجة إليها هي بقية مستحقات الأعمال الإنشائية والتجهيزية واستقطاب مزيد من الكوادر المتخصصة ذات الخبرات».
وأشار إلى أن «الفترة التي سبقت إطلاق حملة جمع التبرعات شهدت إصابة فريق عمل المركز وأولياء أمور الطلبة الـ 280 المسجلين على قوائم الانتظار بخيبة أمل، إذ إن نسب الإنجاز الفعلية في الأعمال الإنشائية والتجهيزية للمركز وصلت إلى 90%، ولم يكن متبقياً سوى 10% حتى يباشر المركز تقديم خدماته مع بدء العام الدراسي الجديد».
هدف إنساني
وشدد العمادي على أن «الأشهر الماضية ومع عدم قدرة إدارة المركز على سداد مستحقات الإنشاء والتجهيز، كان التهديد بإيقاف المشروع بالكامل قوياً للغاية، وحالة الإحباط تصيب فريق العمل بالكامل، لتطال أولياء الأمور، لكن دائماً كان لدينا أمل في استكمال المشروع وتشغيله فالهدف من ورائه إنساني وذو معنى وقيمة عالية، وطبيعة دولة الإمارات هي دعم هذا النوع من المشروعات دائماً، وهو ما ظهر لنا في فترة لم تتجاوز سبعة أيام منذ بدء إطلاق (الإمارات اليوم) لحملة جمع التبرعات اللازمة».
وتابع «جمع الـ10 ملايين درهم قيمة التبرعات التي يحتاجها المركز، سيساعد على استيعاب الأعداد المتزايدة على قائمة الانتظار، وإمكانية جذب الكوادر المتخصصة لعدم توافر الحوافز المالية والميزات، وقدرة الإدارة على الاحتفاظ بالكوادر المتخصصة، التي يتم استقطابها من قبل جهات أخرى توفر عروضاً أفضل، واعتماد استراتيجيات مستقبلية واضحة لتوافر الميزانية اللازمة لها، والقدرة على مواكبة الوسائل العلمية الحديثة، إذ إن التدريب والتطور المستمر يحتاجان إلى ميزانية خاصة، وتنظيم البرامج التوعوية والتدريبية لأولياء الأمور والمختصين ومؤسسات وأفراد المجتمع».
ولفت العمادي إلى أن «فريق المركز بدأ فعلياً في الاستعداد لتنفيذ خطة العمل، وفور تسلّم قيمة التبرعات سيتم البدء في التنفيذ»، مبيناً أن «خطة التأهيل والتدريب المحددة للمركز تقوم على منظومة متكاملة تشمل جوانب التأهيل والتدريب العلاجي والاجتماعي، واستخدام أحدث التقنيات والتكنولوجيات في التعامل مع أطفال التوحد وتعليمهم أساسيات الحياة اليومية والتفاعل مع الآخرين، والجوانب الغذائية اليومية لهم، التي أثبتت الدراسات أن لها تأثيراً كبيراً للغاية في تطور حالتهم سواء بالإيجاب أو السلب».
وعزا الحاجة إلى وجود مؤسسات متخصصة في التعامل مع ذوي التوحد، إلى عدم قدرة أهاليهم على تقديم ما يحتاجون إليه من تدريب وتعليم، لعدم معرفتهم بأساليب التعامل مع هذا النوع من الإعاقة، كما أنهم يحتاجون إلى الدعمين المالي والنفسي، وهنا يأتي دور المؤسسات الاجتماعية العامة والخاصة لدعم هذه الأسر بالخبرات والتجارب.
وتابع العمادي أن «ترك هؤلاء الأطفال دون برامج علاجية تربوية يؤدي إلى تفاقم المشكلة، ويؤثر سلباً في مستقبلهم، ويسبب أرقاً ومشكلات اجتماعية ونفسية لأسرهم، كما يضطر ذلك بعض الأمهات إلى ترك عملهن للبقاء مع أطفالهن، ما يسبب مشكلات جمة على الصعيد الأسري، وبالتالي لابد من العمل على إيجاد مراكز لمساعدة هؤلاء الأطفال، لأن التأخر في العلاج يؤثر سلباً في الطفل والأسرة والمجتمع ككل».
ولفت إلى أنه «حسب الخطة التعليمية والتأهيلية للمركز، سيخضع الطلبة لعدد من برامج التدخل المتكاملة التي تغطي الجوانب الاجتماعية، واللغوية، والحسية، والصعوبات السلوكية، وذلك عن طريق كادر متكامل يستند إلى المعايير العالمية، كما سيتم تخصيص معلم واحد لكل طفلين، حسب الخطة التربوية الفردية، التي تتضمن التعليم والنطق والتواصل، والعلاج الوظيفي، والعلاج الإبداعي، وهو ما يستدعي زيادة عدد الموظفين في العام الجاري بما نسبته 10% من الأخصائيين ومعلمي التربية الخاصة».
كلفة مرتفعة
وحول وجود مراكز عدة في إمارة دبي تتعامل مع حالات التوحد، قال العمادي إن «طبيعة الاختلاف بين النشاط الذي تقدمه هذه المراكز، ومركز دبي للتوحد، هي أساس النشاط، فهذه المراكز ربحية وتقدم خدمات عدة يصل بعضها إلى خدمات منزلية للحالة، لكن في المقابل يبلغ المتوسط السنوي لكلفة تسجيل الطفل فيها 400 ألف درهم، ما يُعد عبئاً ثقيلاً للغاية على كاهل ذوي هؤلاء الأطفال، في وقت حدد مرسوم تأسيس مركز دبي للتوحد نشاطه بكونه مؤسسة نفع عام غير ربحية، ستوفر خدمات تأهيل وتدريب تواكب أفضل وأحدث الممارسات العالمية، بما يخفف عن كاهل الأسر».
وطالب بضرورة إيجاد تشريعات وضوابط للتقليل من المتاجرة واستغلال أولياء الأمور، وتشديد الرقابة على جميع المراكز المعنية بتقديم الرعاية للأطفال المصابين بالتوحد، وعدم ترك المجال لتلك المؤسسات بتحديد قيمة الرسوم حسب تقديرها.
تطوير الأداء
وضماناً لتقديم خدمة تأهيل وتدريب لأطفال التوحد وفق أفضل المعايير العالمية من مؤسسة غير ربحية عمد المركز منذ فترة إلى تدريب الموظفين، الذين وقع عليهم الاختيار للتعيين في البرامج التعليمية والتأهيلية العالمية الحديثة والمناهج الخاصة بتعليم التوحد، كبرامج تحليل السلوك التطبيقي، واختبارات التقييم والتشخيص، حسب العمادي.
وأضاف «يعمل المركز باستمرار على تطوير كفاءة العاملين في مجال تقديم الخدمات المتخصصة للمصابين باضطراب التوحد والإعاقات النمائية الشديدة، وتدريب أسر وأولياء أمور الأطفال المصابين بالتوحد والإعاقة الشديدة على آليات التعامل معهم، وتطبيق البرامج التأهيلية والتربوية بالمنزل».