أفادت مصادر متطابقة بأن هناك انقساماً تشهده فصائل المعارضة جنوب سورية، بين من يضغط لإعادة فتح معبر نصيب على الحدود الأردنية- السورية وتسليمه إلى الحكومة، وبين من يضع شروطاً لفتحه، وسط تهديد أردني بإغلاق المعابر الإنسانية.
ونقلت صحيفة «الوطن» السورية عن مصدر مطلّع، تأكيده أن «الأغلبية العامة في المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل راغبة بالمصالحة والمجتمع الأهلي هناك يدفع باتجاه فتح المعبر، إلا أن هناك إشكالاً داخل الفصائل نفسها بين من يرغب بتسليم المعبر لدمشق، وقسم آخر لا يزال يصر على رفض ذلك ويحاول الاشتراط، وبالمجمل فإن كل الأمور تسير بالاتجاه الصحيح والمعبر سيفتح في النهاية».
وأضاف لـ «الوطن»، أن «محافظة درعا تشهد أياماً جيدة واللجنة الثلاثية فيها تعمل بجد ويراجعها الناس باستمرار».
وتوجد لجنة في كل محافظة من محافظات الجنوب، درعا، القنيطرة والسويداء، تسمى اللجنة الثلاثية لم يكشف المصدر عن أطرافها، إنما أوضح أن مهمتها «التنسيق مع الروس ومع المجتمع الأهلي لتفعيل دور المصالحات وفي كل شيء يتعلق بذلك، وهناك إقبال عليها».
بدورها، أكدت وسائل إعلام محسوبة على المعارضة السورية، أن الأردن هدد بإغلاق المعابر الإنسانية في درعا إذا رفضت الفصائل المعارضة إعادة فتح المعبر، إذ أمهلت السلطات الأردنية ما يسمى «مجلس محافظة درعا الحرة» والفصائل المسلحة عشرة أيام للرد على المفاوضات حول إعادة فتح المعبر، وسط تهديدات أردنية بإغلاق المعابر الإنسانية التي تربطها بمناطق سيطرة الفصائل في درعا في حال رفضت إعادة فتح المعبر.
وأشارت «الوطن» إلى أن قرار الأردن بإغلاق معابره الإنسانية إلى درعا سيكون بالتزامن مع إغلاق الحكومة السورية كذلك الطرق والمعابر التي تربط بين المناطق التي تسيطر عليها الحكومة ومناطق الفصائل، في محافظة درعا بهدف حصارها، ومن ثم البدء بهجوم بري واسع النطاق يشنه الجيش السوري من عدة محاور.
ولفتت مصادر إلى موافقة فصائل «قوات شباب السنة» و «جيش اليرموك» و «فرقة أسود السنة» على قرار إعادة فتح معبر نصيب وأن يكون بإدارة من الحكومة السورية، في حين ترفض «فرقة فلوجة حوران» و «فرقة 18 آذار» ذلك.
يُشار إلى أن ثلاثة معابر إنسانية تربط بين الأردن ومناطق المعارضة بمحافظة درعا هي معبر تل شهاب– معبر درعا القديم– معبر نصيب.
وكان معبر نصيب الحدودي أغلق بقرار من الأردن بعد سيطرة ميليشيات مسلحة عليه في نيسان (أبريل) 2015.
إلى ذلك، اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» (مراقبة حقوق الإنسان) الأميركية الأردن «ترحيل جماعي» للاجئين السوريين، في تقرير رفضه الأردن، مؤكداً أن هؤلاء النازحين يعودون «طوعاً» إلى سورية.
وقالت «هيومن رايتس ووتش» في تقرير يقع في 23 صفحة بعنوان: «لا أعرف لماذا أعادونا، ترحيل وإبعاد الأردن للاجئين السوريين»، إن «السلطات الأردنية تقوم بترحيل جماعي للاجئين سوريين، بما في ذلك إبعاد جماعي لأسر كبيرة».
وأضافت: «في الأشهر الخمسة الأولى من العام 2017، رحلت السلطات الأردنية شهرياً نحو 400 لاجئ سوري مسجلين، إضافة إلى حوالى 300 ترحيل يبدو أنها طوعية للاجئين مسجلين».
وأشارت الى ان نحو «500 لاجئ غيرهم يعودون شهرياً إلى سورية في ظروف غير واضحة».
ونقل التقرير عن مدير قسم حقوق اللاجئين في المنظمة بيل فريليك قوله: «على الأردن ألا يرسل الناس إلى سورية من دون التأكد من أنهم لن يواجهوا خطر التعذيب أو الأذى الجسيم، ومن دون إتاحة فرصة عادلة لهم لإثبات حاجتهم للحماية».
وأضاف: «لكن الأردن أبعد مجموعات من اللاجئين بشكل جماعي وحرم الأشخاص المشتبه في ارتكابهم خروقات أمنية من الإجراءات القانونية الواجبة، وتجاهل التهديدات الحقيقية التي يواجهها المبعدون عند عودتهم إلى سورية».
وتابع فريليك: «على الأردن ألا يرحل اللاجئين السوريين بشكل جماعي».
وأضاف «ينبغي منح فرصة عادلة للمشتبه في كونهم يشكلون تهديدات، للطعن في الأدلة ضدهم، وأن تنظر السلطات في خطر التعذيب وغيره من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في حالة إعادتهم».
ورداً على التقرير، دعت الحكومة الأردنية المنظمات الدولية إلى «مراعاة الدقة» في تقاريرها.
وأكدت أن «عودة اللاجئين طوعية وليست إلى مناطق فيها أي خطر عليهم».
وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام محمد المومني الناطق الرسمي باسم الحكومة لوكالة «فرانس برس»: «نرفض ما جاء بالتقرير ونتمنى على المنظمات مراعاة الدقة في هذه الشؤون السيادية وان يقدروا دور الأردن الإنساني الكبير في هذا الشأن».
واضاف ان على المنظمات الدولية «أيضاً مطالبة العالم بدعم الدول المضيفة للاجئين والضغط على بقية الدول لاستيعاب مزيد من اللاجئين»، مؤكداً أن «أمن الأردن والأردنيين فوق كل اعتبار».
وأوضح المومني أن «الأردن ينفذ أحكام القانون الدولي المرتبطة بهذا الأمر».
وتؤوي المملكة نحو 680 ألف لاجئ سوري فروا من الحرب في بلدهم منذ آذار (مارس) 2011 ومسجلين لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، يضاف اليهم بحسب الحكومة، نحو 700 ألف سوري دخلوا الأردن قبل اندلاع النزاع.
ويقول الأردن الذي يشترك مع سورية بحدود برية تزيد على 370 كيلومتراً، إنه بلغ «الحد الاقصى» في قدرته على تحمل أعباء اللاجئين السوريين.
وتقول عمان إن الكلفة التي تتحملها نتيجة الأزمة السورية تقارب 6,6 مليار دولار، وإن المملكة تحتاج الى ثمانية مليارات دولار اضافية للتعامل مع الازمة حتى 2018.
وقالت المنظمة في تقريرها إنها قابلت 35 لاجئاً سورياً في الأردن وتحدثت الى 13 سورياً عبر الهاتف، وجميعهم رحّلتهم السلطات الأردنية أخيراً إلى سورية.
وأشارت الى ان الذين رحلتهم السلطات الاردنية أو الذين يعرفون أو يتواصلون مع آخرين تم ترحيلهم، قالوا إن «السلطات لم تقدم أدلة كافية على ارتكابهم مخالفات قبل ترحيلهم».
وتابعت ان «المسؤولين الأردنيين لم يمنحوا أي فرصة حقيقية للاجئين السوريين للاعتراض على ترحيلهم، أو التماس المساعدة القانونية، أو مساعدة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قبل ترحيلهم».
وأشارت الى ان «عمليات الإبعاد الجماعي والترحيل الفردي للاجئين السوريين ارتفعت في منتصف 2016 ومرة أخرى في أوائل 2017».
وقالت إن «معدلات الترحيل المتزايدة جاءت في أعقاب الهجمات المسلحة على القوات الأردنية بما في ذلك الهجوم الذي وقع شمال شرق الأردن في حزيران (يونيو) 2016، وهجمات في محيط مدينة الكرك الجنوبية في كانون الأول (ديسمبر) 2016».
وأكدت المنظمة أن «السلطات الأردنية لم تقدم أدلة على تورط أي من المرحلين في أي من هذه الهجمات».
ومن الذين قابلتهم «هيومن رايتس ووتش» ولم يُبلغوا بأسباب إبعادهم، رقية (30 عاماً)، وهي أم لثلاثة أطفال أعمارهم 6 و7 سنوات و6 أشهر، وتعاني من «مشكلات صحية خطيرة».
وقالت إن «الأردن رحلها في آذار 2017 بينما لا تزال سلطات الولايات المتحدة تستعرض أهليتها لإعادة التوطين».
ونقل التقرير عن رقية قولها: «رحلونا جميعا إلى سوريا.
أنا، زوجي، وأطفالي الثلاثة.
لم يطلعونا على السبب.
وعندما سألناهم: إلى أين تأخذوننا؟ لم يخبرونا أنهم بصدد ترحيلنا إلى سورية.
وأضافت: «قالوا لنا ألا نقلق وإننا لن نُرحَّل وإنه ستُطرح علينا فقط بعض الأسئلة.
.
.
ثم وجدنا أنفسنا في معبر نصيب في سورية وحتى هذا اليوم، لا نعرف سبب ترحيلنا».
كما نفت الحكومة الأردنية الاتهامات المتعلقة بعدم إيصالها المساعدات الإنسانية لمخيم الركبان الحدودي.
واعتبر المومني أن هذه الأخبار عارية من الصحة، وتوظفها بعض الجهات في سياق محاولات متكررة للضغط على الأردن من أجل إدخال قاطني مخيم الركبان إلى أراضيه، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية.