أيدت المحكمة العليا الشرعية السنية حكما بثبوت نسب طفلة لوالدها، ورفضت الاستئناف المقدم من الأب ضد أمها «من جنسية عربية»، وذلك على الرغم من استبعاد تقرير فحص عينة البصمة الوراثية لأن تكون الابنة لأبيها، وألزمت المحكمة الزوج الرسوم والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، وكانت محكمة أول درجة قالت: «إن الولد للفراش»، وإن الحمل حدث أثناء العلاقة الزوجية.
وحول تفاصيل الدعوى، قالت وكيلة الأم المحامية شيماء عبد العزيز إن المدعى عليه تزوج موكلتي في أبريل 2012، بموجب عقد زواج شرعي في بلدها وأحضرها معه إلى البحرين واستقرت حياتهما الزوجية، ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج وقد حملت منه، وفي بداية عام 2015 واثناء حملها تقدم ضدها ببلاغ جنائي بمركز الشرطة، يدعي فيه عدم ثبوت نسب الجنين له، ويتهمها بارتكابها جريمة الزنا، إلا أن المدعية أنكرت اتهامه لها، ما جعله يتنازل عن البلاغ ثم قام بتطليقها في فبراير 2015، وطردها خارج منزل الزوجية، فغادرت البحرين ورجعت لموطنها وهي مازالت حاملا منه.
وبعد فترة تواصل المدعى عليه مع مطلقته وطلب منها الرجوع لعقد قرانه عليها مرة ثانية، وبالفعل رجعت وعقد عليها مرة أخرى، إلا أنه وبعد أن وضعت حملها أنكر أبوته للمولودة وأعاد اتهامه لها بارتكابها لجريمة الزنا، فتم جلب المدعية أمام النيابة العامة للتحقيق في واقعة الزنا، والتي انكرتها، خاصة وأنه لا يوجد على اثباتها ثمة دليل واحد، ثم تم حفظ البلاغ بعد إجراء فحص (DNA).
وامتنع الزوج عن استخراج شهادة ميلاد للبنت أو بطاقة سكانية أو جواز سفر لها، وفي أكتوبر 2016 تقدم بلائحة دعوى شرعية ضد الزوجة طالبًا الحكم له بإثبات طلاقه للمدعية، ونفي نسب الصغيرة له، فأقامت وكيلة الزوجة لائحة دعوى مدنية ضد المدعى عليه، وتداول نظر الدعويين الشرعية والمدنية بالجلسات وبتاريخ 5/2/2017 قضت المحكمة الشرعية بثبوت طلاق المدعى عليه للمدعية طلقة ثالثة أوقعها عليها في 29/8/2016 بائنة بينونة كبرى، فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره بدخول بين بلا تحليل، ورفض طلب نفي النسب.
وبتاريخ 20/4/2017، قضت المحكمة المدنية برفض الدعوى بناء على أسباب الحكم الشرعي الذي اثبتت المحكمة من خلاله عدم ثبوت المدعية للصغيرة من المدعى عليه بأية ورقة رسمية، فقامت برفع الدعوى طالبة في ختامها إثبات نسب الصغيرة للمدعى عليه.
وقالت المحامية شيماء إن المادة (70) من قانون أحكام الأسرة السنية، تنص على أن «تكون البنوة شرعية وتترتب آثارها الشرعية عليها بالنسبة للأب في حال ثبوتها بأي من طرق الإثبات»، كما تنص المادة (74) على أن تكون شروط ثبوت النسب بالفراش الحقيقي هي: أولًا أن يولد الولد في مدة تحتمل حدوث الحمل أثناء الفراش، وثانيًا إمكان الاتصال الجنسي بين الزوجين، وثالثًا ألا يثبت انتفاء التلاقي بين الزوجين بناء على مانع حسي.
وأشارت وكيلة المدعية إلى أن رأي العلماء يكاد يستقر على أن فحص «D.
N.
A» يستخدم كقرينة في الاثبات لا النفي، ومن ثم فالتقرير الطبي الذي يخلص إلى «أنه يستبعد» لفظ محتمل وليس قاطعًا في النفي وبالتالي لا يرقى لأن يكون دليلًا على نفي النسب، وذلك لكون لفظ «يستبعد» الوارد في التقرير غير قاطع وهي تدخل تحت طور الاحتمال، والقاعدة الأصولية المستقرة أن كل ما دخله الاحتمال لا يصلح للاستدلال.
وطبقًا لكل ما تقدم وما اوضحناه من وقائع يتبين لعدالة المحكمة الموقرة بأن المدعية كانت زوجة للمدعى عليه بعقد زواج شرعي صحيح، وقد دخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج، وقد انجبت في تمام تسعة أشهر من بعد زواجها من المدعى عليه، وعليه تكون البنت الصغيرة التي وضعتها المدعية ابنة المدعى عليه، وهذا هو الأصل الذي لا يوجد ما يناقضه أو يخالفه، وهذا ما أقره المدعى عليه ضمنًا من خلال رفعه لدعوى نفي النسب كونه يعلم تمام العلم بأن الأبنة الصغيرة هي ابنته بموجب العقد الشرعي الصحيح.